مع ثورة النت كاعلاميين لا نتحدث فقط ولكن ايضا نستمع باهتمام الى افكاركم فاهلا بتعليقاتكم ...مع ثورة النت نتحول كاعلاميين من متحدثين محترفين الى مستمعين محترفين اى الى باحثين فى تعليقاتكم عن كل ما يدفع الحياه الى الأمام...كلنا نحب ان يسمع الناس آراءنا...وهذه فرصه ذهبيه ليسمع الناس آراءك

الأربعاء، ٣ شعبان ١٤٣٤ هـ

حلم الديمقراطيه فى دول الربيع العربى

بعد تغيير الأنظمة في تونس ومصر وليبيا واليمن عاد الكثيرون من الشباب إلى بيوتهم وجامعاتهم وأعمالهم. لكن بعض هؤلاء لم يقبلوا العودة إلى سابق حياتهم ومساراتها المعتادة. تمسكوا بتحقيق الحلم ومبادئ الثورة التي

آمنوا بها. ومن أجل تحقيق هذا الحلم ..انخرطوا في سلك السياسة كي يتمكنوا من خوض معركة الديمقراطية

بي بي سي ترصد في هذا التحقيق تجربة اثنين من شباب ثورات الربيع العربي وهما يتلمسان طريقهما كي يكونا قادة المستقبل في بلديهما مصر وتونس
رحلة أحمد من دبي إلي ميدان التحرير

أحمد صقر شاب في الثلاثينات من عمره ينحدر من أسرة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة في مصر ، تلك الطبقة التي انسحقت بين رحى الإمكانيات المادية المتواضعة والتطلعات والأحلام بغد أفضل. بعد عدد من الانتكاسات

الوظيفية والتنقل بين عمل وآخر لم يكن أحدها على مستوي تطلعاته قرر أحمد الرحيل والذهاب إلى دبي بلد الأحلام لمن يرغبون في تحقيقها.

لم ينتظر أحمد طويلا لتحقيق النجاح والثروة الصغيرة التي آمنت له حياة معقولة من بيت أنيق فى واحدة من أرقي مناطق القاهرة وزواج مستقر . ومع ذلك كان هناك شيء غائب .. "الأمان في حضن الوطن والأم"

كما قال لي .كان أحمد يحلم دوما بالعودة ليحقق لمصر ما تستحق.

وجد أحمد ضالته في رسائل على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تدعو إلى الثورة على نظام مبارك مستلهمين الثورة التونسية لم يتردد لحظة في أن يحجز لنفسه تذكرة بلا عودة من دبي إلى مطار القاهرة ومن هناك إلى ميدان

التحرير.
رحلة أميرة من المنفي إلى ساحة بورقيبة

قصة "أميرة" مع الثورة التونسية تختلف قليلا وذلك يعود في جزء منه لأصولها العائلية فهي ابنة القاضي التونسي المعروف مختار اليحياوي الذى كتب إلى الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن على رسالة مفتوحة يطالبه

فيها بتطهير القضاء "الفاسد" ففتح بذلك على نفسه وعلى عائلته أبواب الجحيم.

نالت أميرة وهى بعد في السابعة عشرة من عمرها نصيبها من قمع نظام بن على ووجدت نفسها في مواجهة الوجه القبيح للشرطة التونسية. أمام مدرسة الصادقية وهى بعد في السابعة عشرة قام أحد أعوان بن على بضربها

على أحد ساقيها مسببا لها كسرا. تتذكر أميرة أن هذه الواقعة تركت في نفسها أثرا لا ينمحي. "كل شي تبدل بعد هذا اليوم، لم اعد ابنة القاضي المرموق بل صرت بنت المعارضة". المواجهة غير المتكافئة لم تثن

أميرة ولم تردعها. على العكس صارت كما تقول أكثر تحديا لكل رمز من رموز السلطة بقية حياتها. صارت اميرة متمردة على المدرسة والشرطة وحتي السلطة الأبوية.

بعد هذه الواقعة صارت عائلة أميرة أكثر خوفا منها وعليها فأرسلتها إلى فرنسا لإتمام دراستها الجامعية. تتذكر أميرة في الم وسخرية كيف قضت أسابيع طويلة في باريس دون مأوى أو نقود بعد أن نفدت أموالها واوقف نظام

بن على التحويلات القليلة التي كانت ترسلها إليها أسرتها.

وزاد الأمر تعقيدا عندما فقدت جواز سفرها فأصبحت ضائعة بلا هوية لسنوات.

"رفضت أن أكون لاجئة في فرنسا أفضل أن أكون منفية من تونس على أن أصبح لاجئة إلى فرنسا"، تقول لي.

تلوح لي بجواز سفرها التونسي وتقول "لم ولن أحمل جواز سفر أخر. والفضل لبوعزيزي أعاد إلى هويتي وأعادني لبلدي".
العودة لمواجهة التحديات

يتذكر كل من أحمد وأميرة جيدا الفرحة الغامرة التي عايشاها لحظة سقوط بن على ومبارك. عاشت أجيال في كلا البلدين تحلم بهذه اللحظة ولم يتخيل المتظاهرون في الشارع أن السقوط سيكون سريعا.

"كانت أسعد لحظة في حياتي" يقول أحمد . "لكن الهدم اسهل بكثير من البناء" تضيف أميرة.

بعد الثورة خاض أحمد أول انتخابات في حياته عن حزب العدل الذي شارك في تأسيسه بعد انهيار النظام السابق. "كان من المهم والضروري أن نخوض الانتخابات لا تمام الحلم الذي حلمناه. دخلنا الانتخابات بنقود قليلة

جدا وبإرادة كبيرة للغاية"

لكن أحمد لم ينجح في الفوز بمقعد في البرلمان، مع أنه لم يفشل تماما - حسبما يقول - حيث تمكن من الحصول على أصوات وضعته في المرتبة الثانية في واحدة من أصعب الدوائر الانتخابية، دائرة قصر النيل.

لم تفلح التجربة في إثناء أحمد عن الاشتغال بالسياسة وسنحت له الفرصة مجددا عندما عٌرض عليه منصب كمستشار في وزارة التعاون الدولي لكنه تردد كثيرا في قبول المنصب. العمل في وزارة كمال الجنزوري وتحت

إدارة الوزيرة فايزة أبو النجا- أحد رموز نظام مبارك- النظام الذي ثار عليه.

"لم يكن اختيارا سهلا ابدا" يقول أحمد، "ولذلك رفضت العرض الاول والعرض الثاني لكنني قبلت العرض في المرة الثالثة. اقتنعت أن شيئا لن يتغير داخل النظام وقررت أن "أدخل النظام " كي اصلح من

الداخل".

لكنه لا ينكر أنه واجه الكثير من الاحباطات والتعقيدات البيروقراطية. لذلك لم يتردد في قبول العمل في جهاز تنمية سيناء في محاولة منه لكسر الجمود والعمل مع الناس على الأرض.

يحاول أحمد أن يكسب ثقة المجتمع المحلي بالعيش بين أبناء سيناء واللقاءات المتكررة معهم ومحاولة الوقوف على المشكلات التي تؤثر على حياتهم لكنه يجد نفسه بين شقي الرحي. فمن ناحية يواجه التشكك من جانب أبناء

سيناء الذين يشعرون بالغبن من تعامل السلطات معهم بالتشكيك والريبة ومن جانب أخر يواجه البيروقراطية في مكان عمله والاصرار على "التعامل الأمني" في جميع القضايا في البلاد.

اتخذت أميرة خطا موازيا ولكنه مختلف ويتلاءم الى حد بعيد مع شخصيتها وطبيعتها التي ترفض القوالب والنمطية.

"بعد الثورة وتشكيل المجلس التأسيسي انتظرنا أن يتم تشكيل أي منظمة من منظمات المجتمع المدني لمراقبة عمل المجلس المنوط به كتابة الدستور التونسي فلم يحدث"

هكذا تحدثت أميرة عن منظمة "بوصلة" التي قامت بتأسيسها. وضعت أميرة لنفسها عددا من الشروط تشعر أنها ستضمن لها البقاء والنجاح. الاول هو أن تتألف المنظمة من عناصر شابة وجميع من يعمل معها في

الثلاثينات من العمر. والشرط الثاني هو "ألا ننتمي أو نأخذ موقفا مغايرا أو معاديا لتيار سياسي بعينه ولا ننحاز لتيار دون غيره".

"لا تسير الأمور مع ذلك بيسر وسلاسة وتؤدي المواجهات مع الناس أحيانا إلي مشاعر عدائية كما شهدنا بأنفسنا في مدينة سليانة. فالمواطن التونسي يشعر بكثير من الغبن والاحباط وعدم الرضا، فالثورة من وجة نظره لم

تحقق بعد ما قامت من أجل تحقيقه "خبز وحرية وعدالة اجتماعية"

ومع ذلك لا تشعر أميرة بالتوجس عند اندلاع مواجهات ساخنة بين السياسيين الذين تقوم بترتيب زيارتهم الميدانية وبمرافقتهم هي وزملاؤها بل وتسجيل اللقاءات وتوثيقها. على المستوي الشخصي تتعلم الكثير من المهارات


والتجارب بالاحتكاك مع الناس على الارض تكون لها عونا علي دخول مميز في عالم السياسة.
رحلة إلي المستقبل

بقيت بعض الاسئلة معلقة مع ذلك .. ماهي الديمقراطية التي يحلم بها شباب الثورات العربية؟ كيف سيرسمون المستقبل عندما يصبحون قادة وكيف سيقرؤون الساحة الدولية ويتعاملون معها؟

تدرك أميرة وأحمد القوة والنفوذ الذي تتمتع به الولايات المتحدة في العالم اليوم الذي اصبح عالم القطب الواحد، لكن ذلك ليس السبب الوحيد في ترددهم عن مجرد فكرة تبني النمط الأمريكي بل والغربي في بلدانهم.

اصطحبناهما في رحلة إلي واشنطن، قلب صنع القرار في العالم وفي وقت الاحتفال بالعرس الديمقراطي الأكبر لديهم "تنصيب الرئيس". لم يكن المقصود أن نقوم بتغطية الحدث بقدر ما كان الهدف هو محاولة رصد ردود

فعل أحمد وأميرة على صيغة من صيغ الديمقراطية في عالمنا اليوم الديمقراطية الأمريكية.

في نهاية الرحلة كان هناك الكثير من ردود الفعل ولكن أحمد وأميرة - على اختلاف شخصياتهما- لدرجة التناقض أحيانا .. اتفقا حتى دون أن يدركا على شيء واحد " نحن صنعنا ثورتنا ونريد أن نصنع ديمقراطيتنا

بأنفسنا بأيدينا".

ليست هناك تعليقات: