مقال جميل ومهم جدا للدكتور محمد حبيب نائب المرشد العام السابق للأخوان المسلمين
من أسعد اللحظات فى حياتى هى تلك التى أقف فيها داخل قاعة الدرس أحاضر فيها طلبتى فى الجامعة.. ورغم أننى وقفت هذا الموقف آلاف المرات، على مدى أكثر من 45 عاماً، فإننى أشعر فى كل مرة بأنها المرة الأولى.. تماماً كالعاشق المتيم.. لا يمل ولا يكل، ولا يروى ظمأه أن يبقى حياته كلها بالقرب من المحبوب.. يشعر بذلك كل من حولى، زوجتى وأولادى وأحفادى.. وطلبتى. هو بالقطع شعور إنسانى جميل وعذب ورائع وممتع، يغمرنى وأنا أعطى ما عندى من علم وخبرة وتجربة لطلبتى. لقد تعلمت على يد أساتذة كرام وأماثل، كانوا قمما شاهقة، علماً وخلقاً وبذلاً وعطاءً وأداءً.. مازلت أذكرهم جيدا، بحركاتهم وسكناتهم ونظراتهم.. بعضهم رحلوا عن عالمنا بعد أن أدوا دورهم العظيم وقاموا بمهمتهم الجليلة، والبعض الآخر مازالوا على قيد الحياة، بارك الله فى صحتهم وأعمارهم وجزاهم عنا وعن العلم والوطن خيرا.. إنها عملية تسليم وتسلم، حلقات فى سلسلة ممتدة، كل حلقة مرتبطة بما قبلها وما بعدها.. هى عملية تواصل أجيال، جيلاً وراء جيل.. صحيح أن لكل جيل ما يميزه، لكن هناك قواسم مشتركة يمكن ملاحظتها.. فهل يأتى ذلك اليوم الذى يقف فيه أحد طلبتى ليتحدث إلى طلبته؟ وهل نكون فى تلك اللحظات قد رحلنا عن هذا العالم؟.. لا أحد يدرى، فقد مضى الكثير، ولم يبق إلا القليل.. والقليل جداً.
وأنا أسير فى طرقات الجامعة، حيث الطلبة والطالبات فرادى وجماعات، أرى على وجوه الجميع بهجة لا تخلو من نظرات قلق.. أحاول الاقتراب منهم، أتمهل فى سيرى لأستمع إلى ما يقولون.. كأنى أستعيد فيهم أيام الشباب حيث تتجدد الذكريات فيتجدد معها الشعور بالسعادة.. نحن كثيرا ما نحنُّ إلى الزمن القديم، ونسمع ونقرأ كثيرا عما يسمى «الزمن الجميل».. هى فى الواقع محاولة منا للتشبث بالحياة، لأننا ببساطة لا نستطيع أن نوقفها وهى تمضى إلى غايتها ومحطتها الأخيرة.. ألم يقل شوقى: ألا ليت الشباب يعود يوما؟! ألم يقل أيضا حين عاد من منفاه متحدثا للوطن: كأنى قد لقيت بك الشبابا!.. نعم لم تكن كل أيام الشباب سهلة وميسورة، وكان فيها بعض المصاعب والمعاناة، لكن أهم ما كان يميزها آنذاك وجود الحلم والأمل فى غد مشرق جميل.. بالرغم من هذا هؤلاء الشباب أسعد منا حظاً، فهم بدأوا حياتهم مع ثورة المعلومات والاتصالات والسماوات المفتوحة.. عزاؤنا أننا عشنا لنلحق بهذه الثورة، ولنشهد أيضا أعظم ثورة فى تاريخ مصر.
العباقرة لابد أن يكونوا عشاقاً، والمبدعون لابد أن يكونوا متيمين.. فكل من عشق عملا.. فى الرياضة، أو الأدب، أو التجارة، أو الزراعة، أو الصناعة، أو التعليم، أو البحث العلمى أو الصحة... إلخ، لابد أن يكون عبقريا أو مبدعاً فى مجاله.. ثبت ذلك عبر التاريخ القديم والحديث، وعلى المستويين المحلى والعالمى، والأمثلة على ذلك أجل من أن تحصى.. لذا أقول: أعينوا المعلم كى يكون عاشقاً متيما بعمله الجليل والنبيل.. ساعتها سيعطيكم أجيالاً وقمماً عالية فى كل مجال وميدان.. ساعتها سيمنحكم عقولاً، ونفوساً، ورجالاً.. هذه هى البداية الحقيقية والصحيحة لنهضة أى أمة.. ولا يكون ذلك إلا بأن ينال من الدولة والمجتمع المكانة والمنزلة اللائقة به، معنوياً من حيث تعظيمه وإجلاله واحترامه، ومادياً بتوفير ما يلزمه حتى يعيش كريماً عزيزاً، وعلمياً من حيث تأهيله وتنمية قدراته ومواهبه، وإحاطته بكل ما هو جديد فى عالم التربية والتعليم.
من المؤكد أن المعلم فى المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، غيره فى المرحلة الجامعية.. فى المراحل الأولى هو يسوى الأرض، يخططها، يشق القنوات، يضع البذور ويتعهدها بالسقاية والنماء.. هو يضع الأساس، وبقدر ما يكون متيناً وعميقاً، بقدر ما يكون قادراً على تحمل البناء الذى يعلوه، حتى وإن كان ناطحة سحاب.. هو يقوم بتشكيل العجائن اللينة، يصنع منها ما يريد، همماً وروحاً وعزائم وآمالاً.. أو مسوخاً وأشباحاً وأشباه آدميين.. فى المرحلة الجامعية يكون الوضع مختلفاً، فالمعلم باحث قبل أن يكون معلماً.. أعرف باحثين لم يكن البحث بالنسبة لهم سوى مجرد وسيلة للترقية لدرجة أستاذ، لتحسين الوضع المادى والاجتماعى.. هؤلاء لم يكونوا يوماً مبدعين.. ربما كان منهم معلمون متميزون.. لكنهم كانوا فى الغالب الأعم شخصيات عادية أو تقليدية.. المعلم فى الجامعة يستطيع أن يفعل الكثير، بناء الثقافة العامة والخاصة، فتح شرايين العقل والقلب والوجدان لتدفق المعرفة، صياغة طريقة التفكير والنظر النقدى، وإعداد الشخصية القادرة على مواجهة الحياة.
من المؤكد أيضاً أن المعلم فى القرية غيره فى المدينة.. غيره فى العاصمة.. ورغم أن الجميع يحتاج رعاية واهتماماً، إلا أن الأول أكثرهم حاجة.. فحال التعليم فى القرى يرثى له لضعف الإمكانات فى كل شىء، فضلاً عن غياب المتابعة، رغم أن أطفال القرية وصبيانها لا يقلون ذكاء عن نظرائهم فى المدن، وربما يزيدون.. فهل من مجيب؟!
وأنا أسير فى طرقات الجامعة، حيث الطلبة والطالبات فرادى وجماعات، أرى على وجوه الجميع بهجة لا تخلو من نظرات قلق.. أحاول الاقتراب منهم، أتمهل فى سيرى لأستمع إلى ما يقولون.. كأنى أستعيد فيهم أيام الشباب حيث تتجدد الذكريات فيتجدد معها الشعور بالسعادة.. نحن كثيرا ما نحنُّ إلى الزمن القديم، ونسمع ونقرأ كثيرا عما يسمى «الزمن الجميل».. هى فى الواقع محاولة منا للتشبث بالحياة، لأننا ببساطة لا نستطيع أن نوقفها وهى تمضى إلى غايتها ومحطتها الأخيرة.. ألم يقل شوقى: ألا ليت الشباب يعود يوما؟! ألم يقل أيضا حين عاد من منفاه متحدثا للوطن: كأنى قد لقيت بك الشبابا!.. نعم لم تكن كل أيام الشباب سهلة وميسورة، وكان فيها بعض المصاعب والمعاناة، لكن أهم ما كان يميزها آنذاك وجود الحلم والأمل فى غد مشرق جميل.. بالرغم من هذا هؤلاء الشباب أسعد منا حظاً، فهم بدأوا حياتهم مع ثورة المعلومات والاتصالات والسماوات المفتوحة.. عزاؤنا أننا عشنا لنلحق بهذه الثورة، ولنشهد أيضا أعظم ثورة فى تاريخ مصر.
العباقرة لابد أن يكونوا عشاقاً، والمبدعون لابد أن يكونوا متيمين.. فكل من عشق عملا.. فى الرياضة، أو الأدب، أو التجارة، أو الزراعة، أو الصناعة، أو التعليم، أو البحث العلمى أو الصحة... إلخ، لابد أن يكون عبقريا أو مبدعاً فى مجاله.. ثبت ذلك عبر التاريخ القديم والحديث، وعلى المستويين المحلى والعالمى، والأمثلة على ذلك أجل من أن تحصى.. لذا أقول: أعينوا المعلم كى يكون عاشقاً متيما بعمله الجليل والنبيل.. ساعتها سيعطيكم أجيالاً وقمماً عالية فى كل مجال وميدان.. ساعتها سيمنحكم عقولاً، ونفوساً، ورجالاً.. هذه هى البداية الحقيقية والصحيحة لنهضة أى أمة.. ولا يكون ذلك إلا بأن ينال من الدولة والمجتمع المكانة والمنزلة اللائقة به، معنوياً من حيث تعظيمه وإجلاله واحترامه، ومادياً بتوفير ما يلزمه حتى يعيش كريماً عزيزاً، وعلمياً من حيث تأهيله وتنمية قدراته ومواهبه، وإحاطته بكل ما هو جديد فى عالم التربية والتعليم.
من المؤكد أن المعلم فى المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، غيره فى المرحلة الجامعية.. فى المراحل الأولى هو يسوى الأرض، يخططها، يشق القنوات، يضع البذور ويتعهدها بالسقاية والنماء.. هو يضع الأساس، وبقدر ما يكون متيناً وعميقاً، بقدر ما يكون قادراً على تحمل البناء الذى يعلوه، حتى وإن كان ناطحة سحاب.. هو يقوم بتشكيل العجائن اللينة، يصنع منها ما يريد، همماً وروحاً وعزائم وآمالاً.. أو مسوخاً وأشباحاً وأشباه آدميين.. فى المرحلة الجامعية يكون الوضع مختلفاً، فالمعلم باحث قبل أن يكون معلماً.. أعرف باحثين لم يكن البحث بالنسبة لهم سوى مجرد وسيلة للترقية لدرجة أستاذ، لتحسين الوضع المادى والاجتماعى.. هؤلاء لم يكونوا يوماً مبدعين.. ربما كان منهم معلمون متميزون.. لكنهم كانوا فى الغالب الأعم شخصيات عادية أو تقليدية.. المعلم فى الجامعة يستطيع أن يفعل الكثير، بناء الثقافة العامة والخاصة، فتح شرايين العقل والقلب والوجدان لتدفق المعرفة، صياغة طريقة التفكير والنظر النقدى، وإعداد الشخصية القادرة على مواجهة الحياة.
من المؤكد أيضاً أن المعلم فى القرية غيره فى المدينة.. غيره فى العاصمة.. ورغم أن الجميع يحتاج رعاية واهتماماً، إلا أن الأول أكثرهم حاجة.. فحال التعليم فى القرى يرثى له لضعف الإمكانات فى كل شىء، فضلاً عن غياب المتابعة، رغم أن أطفال القرية وصبيانها لا يقلون ذكاء عن نظرائهم فى المدن، وربما يزيدون.. فهل من مجيب؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق