مع ثورة النت كاعلاميين لا نتحدث فقط ولكن ايضا نستمع باهتمام الى افكاركم فاهلا بتعليقاتكم ...مع ثورة النت نتحول كاعلاميين من متحدثين محترفين الى مستمعين محترفين اى الى باحثين فى تعليقاتكم عن كل ما يدفع الحياه الى الأمام...كلنا نحب ان يسمع الناس آراءنا...وهذه فرصه ذهبيه ليسمع الناس آراءك

الاثنين، ٥ جمادى الآخرة ١٤٣٤ هـ

منجم ذهب يديره الأهالى ...وتحقيق صحفى من داخله



هنا فى جبل «وادى اللقيطة» شرق محافظة قنا، تبدو الرمال صفراء نقية كأنما ترسم صورة معبرة عن المعدن الأصفر البراق الذى يرقد تحتها. ومثلما يجتهد الإنسان فى الحفاظ على ثرواته من الذهب، تبدو طبيعة المنطقة

كأنها حريصة أيضا على توفير الحماية لمخزونها من الرواسب الذهبية. فالجبال المرتفعة الشاهقة سوداء اللون على الجانبين تكاد تحجب السماء عن نظر السائرين على الطريق الضيق المؤدى إلى منطقة «وادى اللقيطة»

فى الصحراء الشرقية لمصر، حيث ينشط المئات وغالبيتهم من البدو فى استخراج رواسب الذهب وبيعها بعيدا عن التنظيم والإشراف الحكومى.



«الشروق» وصلت إلى منجم الذهب، ورصدت عملية استخراج الحبيبات الصفراء من باطنه، وتنقيتها لتصبح ذهبا خام، ودخلت بيوت البدو المسيطرين على الجبل، حيث مخازنهم وثروتهم التى جمعوها على مدى سنوات

البحث والتنقيب، ثم عاشت رحلة تسويق الذهب فى ورش السبك بقنا، وحصلت على عينة من إنتاج «اللقيطة»، وأثبتت بالفحص والتحليل أنها من الذهب الخالص الخام.



واجهت المحافظ والمسئولين بالثروة المعدنية، فأنكر الأول ثم اعترف متحفظا، بينما نفت الهيئة علمها بالمنجم أو بمن يستولون على ذهبه.





  «لقيـــــــــــــط» فى وادى اللقيـــــطة



لقاء عابر مع مهندس عمل سابقا فى المنطقة، كان بداية الخيط، البدو تعاقدوا معه لمساعدتهم فى تقطيع عروق الذهب من الجبل، بعد أن قدم لهم تسهيلات فى الحصول على جهاز للتنقيب عن الذهب، لكنه ترك العمل عندما شعر

أن به مخاطر، وذلك بعد الخلافات القبائلية التى رآها بعينه. وافق المهندس على مساعدتى فى الدخول إلى المنطقة ومعاينة أوضاعها بنفسى. التقينا فى مدينة قنا وكان معه اثنان من أصدقائه البدو، قبلوا المساعدة بعدما أبلغتهم

أننى أقوم بإجراء بحث عن مناطق الثروات المعدنية، وأريد أن أزور منطقة عملهم فى الجبل لأرصد ما يقومون به، وكان شرطهم الوحيد عدم ذكر أسمائهم.
توجهنا إلى قرية «قفط» التى تبعد عن قنا 20 كيلو مترا باتجاه الشرق، ومنها تحركنا على طريق «القصير/البحر الأحمر». وبعد حوالى 100 كيلو متر أخذنا طريق «وادى اللقيطة» فى قلب الجبل.



السيارة تتقدم على طريق رملى ضيق متعرج تبدو عليه آثار إطارات سيارات. يصعد الطريق ملتويا وسط جبال شاهقة ترتفع بصورة حادة وحازمة، تكاد تطبق على الطريق وتحجب السماء عن الناظرين. انقطع الاتصال

بالعالم الخارجى بمجرد الدخول على هذا الطريق لأن شبكة الهاتف لا تعمل. دار حديث بين المهندس ورفاقه فى السيارة عن معاناة الحياة فى الجبل. قالوا إنهم يحتاجون للنزول إلى مدينة قنا كل يومين لشراء ما يلزم من

مأكل ومشرب وأدوية، خاصة خافض الحرارة لاسعاف من يعانون من ارتفاع حرارة الجو.



بعد 35 دقيقة مرت متثاقلة، وصلت السيارة إلى واد منبسط ينعكس بريق أشعة متناثرة من أرضيته وجوانبه، تحيط به جبال أقل ارتفاعا من تلك التى تحيط بطريق الصعود إلى المنطقة. رأيت مئات الشباب ينتشرون فى المكان،

يرتدون فى الأغلب سراويل قطنية. بعضهم يضع على أذنيه سماعات متصلة بجهاز يشبه المكنسة الكهربائية يتحسس به الأرض، عرفت لاحقا أنه جهاز مسح للكشف عن الذهب. وكان آخرون يدقون الأرض بشواكيش

ومعاول. فريق ثالث كان ينقل نواتج الحفر فى مقاطف إلى ما بدا مثل هاون خشبى كبير، عرفت فيما بعد أنها الطحانة أو الكسارة، حيث يتم دق نواتج الحفر بمدقة حديدية لتحويلها إلى مسحوق يعالج لاحقا بحمض النيتريك

لإزالة الشوائب عن الذهب.



فى الوادى كانت الخطوط الصفراء والحمراء تتشابك داخل الكتل الصخرية، ويمتد طول بعضها إلى أربعة أمتار. وتتناثر نقاط لامعة أخرى على سطح الجبل، وقد يتجمع بعضها فيما يشبه كتلة لامعة صغيرة. كانوا يطلقون

على تلك النقاط والخطوط اللامعة «عروق الذهب».



الاستثمار فى التنقيب



كان المعلم «ش» أول من تحدث فى الموقع الذى خلا «ظاهريا» من أية أسلحة أو أفراد للتأمين، رجل ممتلئ الجسم قصير القامة يرتدى جلبابا صعيديا ويضع عمامة على رأسه. ارتسمت على وجهه ابتسامة خفيفة وهو

يقول إننى أول امرأة من غير نسائهم تذهب إلى هذا الموقع.



قال إنه صعيدى الأصل من إحدى عائلات محافظه قنا، ويعمل فى استخراج الذهب منذ ثلاث سنوات، وأكد أنه عمل مربح يكسب منه ألف جنيه فى الأسبوع الواحد، وأنه يعمل أسبوعا بالجبل مع البدو ويأخذ إجازة يومين بمنزله

بقريه «قفط». بسؤاله عن الخطوط اللامعة فى الجبل، أكد أنه ذهب خام، وقال إن لديهم جهاز يسمى «جيبا 4500 أمريكى» يمكنه اكتشاف رواسب الذهب فى الأرض، وأنهم حصلوا عليه منذ ثلاثة أعوام عن طريق

رجل سودانى يشترى الذهب منهم. وأضاف أنهم جمعوا مبلغا من بعضهم البعض، ودفعوا مقابل الجهاز 286 ألف جنيه بعد مساومات مع التاجر.



يمكن للجهاز كشف عروق الذهب على عمق 5 أمتار، ويبدأ بإرسال إشارات تنبيه يمكن التعرف عليها عن طريق سماعات الأذن. وحينئذ يتم التنقيب والحفر عن طريق المعاول حتى الوصول إلى عرق الذهب.



وهناك طريقة أخرى للتنقيب عن الذهب بواسطة آليات حفر عملاقة كالجرارات والبلدوزرات، وهى وسيلة يستعين بها المنقبون الأكثر ثراء، نظرا لتكلفتها التى تبدو عالية على البسطاء.



أحد قيادات قبيلة العبابدة (م)، طلب عدم نشر اسمه، هو المسئول عن تحديد حصة الذهب لكل قبيلة، والذى يجرى حسابه وفق إنتاج كل قبيلة من الذهب وعدد العاملين منها، وهو أيضا من يتولى فض المنازعات بين القبائل

بشأن أحقيتهم فى الحصول على الذهب.



قال: «نحن لا نشعر بالأمان لأن هناك بعض الجهات التى تحاول أن تفرض علينا إتاوات أحيانا، وتطلب شراء الذهب بأسعار متدنية، نريد أن نعمل بشكل رسمى دون أن تأخد الحكومة أرضنا منا».



الدولة تعلم أم تغض الطرف؟



بسؤاله عن استعداده التعاون مع أجهزة الحكومة وتسليمها الجبل مقابل أن يتم تعويضهم ماديا، رفض رفضا قاطعا، وقال إن الاحتمال الوحيد للتعاون مع الحكومة هو أن تشترى الجهات الحكومية الذهب منهم بأسعار أقل من التى

يبيعون بها، «هذه أرضنا ولا نستطيع بيعها أو التفريط فيها لأى شخص، وهذا الخير هو ملك لنا».



قاطعه شاب أسمر اللون نحيف الجسم ممن يعملون معه، قائلا: «هناك بعض المسئولين بالمحافظة يعلمون عن هذا الذهب، لكن لم يتحدث أحد منهم معنا».



مطلع مارس الماضى، وبعد أول زيارة للمنجم، جرى اتصالا هاتفيا بين «الشروق» واللواء عادل لبيب محافظ قنا للاستفسار عما لديه من معلومات حول الذهب ومستخرجيه، لكن المحافظ أنكر علمه بهذا الجبل ثم وعد بأنه

سوف يتحقق من صدق هذه المعلومات، فوجئت «الشروق» بعد أسبوع من تلك المكالمة بإعلان اللواء عادل لبيب عن اكتشاف منجم ذهب جديد بطريق القصير، وهو الخبر الذى تناقلته عنه وسائل الإعلام باهتمام بالغ.



كان مقررا أن يعلن المحافظ تفاصيل تصريحاته فى مؤتمر صحفى لكن تم إلغاؤه، وبسؤاله قال معلومات مقتضبة عن اكتشاف منجم ذهب بوادى اللقيطة على طريق القصير على بعد 40 كيلو من المدينة فقط بطول 40

وعرض 40 كيلو مترا، وأن الاكتشاف تم منذ شهر فقط عن طريق بعض المواطنين، وأنه أخذ عينة لتحليلها، واثبتت التحاليل التى أجريت فى هيئة الجيولوجيا بالقاهرة أنها من الذهب الخام الخالص، ورغم حديث المحافظ،

عاودت زيارة المنطقة لمرة ثانية فلم أجد أثرا لمسئول رسمى هناك.



«الدهابة» يعرفون أكثر



يعمل أكثر من 500 شاب على استخراج الذهب من الموقع. أحدهم شاب فى العقد الثالث من العمر يدعى «س.م» قال إن هناك حوالى 3 آلاف أسرة تعمل فى هذا المجال، وهى مهنتهم التى لا يعرفون غيرها ويسمون

أنفسهم «الدهابة». حكى «س.م» كيف اكتشف البدو وجود الذهب داخل الجبل، خاصة أن المنطقة ذات تضاريس صعبة، «هذا الجبل كله عروق ذهب، هناك عروق يتم قطعها، وأخرى يصعب اختراقها». أكمل

«س.م» وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة واثقة أن البدو الذين يعيشون فى هذا الوادى يملكون خرائط قديمة تدل على أماكن الذهب، وموجود نسخ منها فى منجم الفواخير.





وأضاف أن سعر تلك الحبيبات التى يبيعونها باعتبارها ذهب خام للصاغة، يصل سعر الجرام الواحد منها إلى 500 جنيه، أى أنه أغلى من سعر جرام الذهب العادى بعد تصنيعه، وخلطه بنسبة من النحاس.



يقع منجم الفواخير على مسافة 70 كيلو مترا من وادى اللقيطة بالقرب من الجبل، لذا كانت زيارته مهمة، بهدف رصد مشاهدات العاملين فيه حول وادى اللقيطة، وهناك تحدث أحد العاملين به عن بعثات أجنبية تقوم بالتنقيب عن

الذهب لصالح أشخاص وليس بعلم وزارة البترول، أو هيئة الثروة المعدنية، مشيرا إلى أن القطع التى يحصل عليها البدو يبيعونها خارج مصر.



دعم كلام العامل رؤية مجموعة من الأجانب تضم سبعة أفراد، يسيرون فى المنطقة، كان الأجانب يحملون جهازا يشبه جهاز الكشف عن الذهب الذى يستخدمه البدو.



منجم الفواخير للتنقيب عن الذهب معطل منذ عام 2007، ويقول عنه البدو إن تاريخه يرجع إلى عصر الفراعنة، وتم تأميمه بعد ثورة 1952.



100 جرام أسبوعيا



على مقربة من الموقع الذى يعمل به المنقبون، كان هناك جهاز آخر غير جهاز جيبا، على شكل طبق يشبه استقبال القنوات الفضائية «الدش»، يستخدم لتحديد وجود الذهب فى المنطقة، واتضح أنه جهاز يستخدم لكشف رواسب

الذهب فى دائرة نصف قطرها 20 مترا وعلى عمق خمسة أمتار.



أخرج الشباب قطعة حجرية كبيرة من الأرض، بها رواسب معدنية ذات لون أصفر، وقاموا بطحنها عن طريق الطحانة حتى أصبحت مادة تشبه الرمل الأصفر، وتم وضعها فى حمض النتريك بداخل إناء من الاستانلس،

واستخدموا عصا خشبية سميكة لتقليبها، حتى تم الفصل بين الذهب والشوائب الأخرى، وتم وزن الحبيبات وبلغت 98 جراما، وضعوها فى كيس بلاستيك تمهيدا لبيعها لأحد تجار الذهب بمدينة قنا.



بعد التنقيب والاستخراج والطحن، تنقل السيدات حبيبات الذهب فى قماشة صغيرة على شكل «بؤجة» كحلية اللون، إلى محال الصاغة بمدينة قنا، بشكل سرى تجنبا لتعرض الرجال لأى تفتيش من قبل الأمن، «لكن النساء لا

يتم تفتيشهن» بحسب «س.م».



الحصيلة الأسبوعية، كما قدرها القيادى بالعبابدة، تصل إلى أكثر من 100 جرام من الذهب الخالص، يبيعونها فى صورة مسحوق من حبيبات صفراء اللون يتم تصنيعها وسبكها داخل ورش الذهب.





ورش دون تراخيص



شارع الجميل بوسط قنا هو مكان تجمع محال الصاغة التى تبيع فيها النساء الحبيبات الذهبية، وفى إحدى حارات الشارع وتحديدا فى محل صاغة كبير، يزين مدخله واجهتان زجاجيتان، بها مشغولات ذهبية كثيرة، تدخله نساء

البدو بشكل طبيعى، وهى تحمل «بؤجتها»، ثم تخرج منه دونها.



فى البداية أنكر صاحب المحل شراءه للذهب الخام من البدو، لكن بعد الحاح قال: «فيه ناس قليلة يبيعون الذهب الخام الذى حصلوا عليه من الجبل، وهذا حقهم»، مؤكدا أنه يتم سبكه وصناعة قطع ذهبية منه وعرضها على

الزبائن.



كل المحال فى شارع الجميل لديها ترخيص محل صاغة فقط، لكن الورش الملحقة بالمحل تعمل دون ترخيص، وبالتالى تمارس عملها فى الخفاء، دون علم الجهات الأمنية والمسئولين.



داخل الورشة التى وافق صاحب المحل على دخولها بشرط عدم التصوير، حجرة بالطوب الأحمر مساحتها لا تتعدى 3 أمتار بها جراكن كثيرة مكتوب عليها «ماء نار مركز»، وفرن حرارى عبارة عن طوب لين، وبداخله

قطع فحم كبيرة، وفى الجزء المقابل له تثبت أنبولات زجاجية تحتها ماسورة غاز موصولة باسطوانة بها فتحات لخروج النار تحت أنبولات الزجاج لفصل الشوائب عن الذهب، ثم ادخالها تحت فرن آخر حرارى، تتم تعبئة

السبيكة فى قوالب فخارية، ثم وضعها داخل الفرن الذى يشبه البوتاجاز، ثم وضعها فى مياه نار مركزة، وكانت رائحتها خانقة، تتم تلك العملية للوصول إلى درجة تنقية عالية قبل تشكيل القطع الذهبية، على حد قول الصائغ.



وعن كيفية معرفة إذا كانت القطعة الترابية ذهبا من عدمه، أكد أنه لا يدفع ثمن تلك الحبيبات إلا بعد دخولها المعمل أو الورشة ومرورها على كل المراحل السابقة، وفى حالة التأكد من إنها ذهب يدفع ثمنها، «وذلك بناء على ثقة

بيننا وبين الزبون».



المفارقة كانت تأكيد الرجل صاحب الورشة علم المسئولين بوجود هذه الورش، حيث قال: «بعض المسؤلين بيطلبوا مننا كتجار ذهب صناعة المشغولات الذهبية لزوجاتهم، ونقوم بعملها داخل الورش ونبيعها لهم نظرا لبعد

المسافة بين القاهرة وقنا، وده معناه انهم عارفين بوجود الورش».



عينة «إكراما»



كان لابد من العودة للوادى مرة أخرى فى محاولة للحصول على عينة من الذهب لتحليلها والتأكد من صحة ما يقولونه، طلبت شراء بضع جرامات من الخام، اصطحبنى عدد منهم إلى منزل فى قرية قريبة من «قفط»، لوزن

الكمية. استقللنا سيارة أخرى نصف نقل متهالكة، وعدنا من طريق مختلف عن الطريق الذى أتينا منه، لكنه يشبهه، استغرقنا ساعة كاملة حتى وصلنا إلى المنزل. كان اللافت أن أثاث المنزل فاخر للغاية لدرجة لا تتناسب

وطبيعة القرية التى يعيشون فيها، وكانت الحوائط مكسوة بالرخام، وكل شىء يعطى انطباعا بأن صاحب المنزل رجل ثرى.



فسر أحدهم أسباب البذخ الواضح فى تأثيث المنزل، بأنهم ينفقون كل مكسبهم من الجبل على منازلهم.



أخرج أحد الشباب ميزانا حساسا صغيرا جدا، ووزن عينة الذهب وكانت عبارة عن جرام ونصف الجرام من الحبيبات الصفراء، دفعت مقابل لها 680 جنيها، وهو مبلغ أقل من سعرها الذى يبيعونها به، لكن الشاب قال: «

إكراما لك».



رجل فى العقد الخامس من عمره بنفس المنزل قال إن الذهب كثير فى هذا الجبل ولكن الحصول عليه صعب للغاية بسبب عدم توافر الأجهزة اللازمة لتقطيعه، «وهو مصدر رزقنا وإذا طلبت الحكومة شراءه سنبيعه لها فقط،

لأننا من قمنا بالبحث والاكتشاف، وهو مصدر دخل أولادنا وأحفادنا.» وأكد أن هناك بعض الأجانب يطلبون شراء الذهب منهم لكنهم يرفضون التعامل معهم، حسب قوله.



أحد شباب البدو قاطع الحديث ليؤكد أن والده حصل العام الماضى على 10 كيلو من الذهب، وهى حصيلة عام كامل، أنفقها فى شراء أتوبيس رحلات سياحى يعمل بين قنا والبحر الأحمر.



بشهادة «الششنجى»



بعد الحصول على العينة توجهت إلى مصلحة الكيمياء بالقاهرة لتحليلها. أكد خبراء المصلحة بشكل مبدئى أنها ذهب خام، لكن إذا تم تحليلها فسوف يذوب الذهب. فضلت التوجه إلى منطقة الحسين العتيقة، حيث ورش

الذهب القديمة والمتخصصة فى الكشف عن الذهب، بناء على نصيحة من العاملين بمصلحة الكيمياء تؤكد أن «الششنجى» هو أشهر معمل لتتقييم المعادن الثمينة.



فى منطقة الحسين بدأ «أيمن حلمى الششنجى» صاحب المعمل الأشهر، تحليل العينة لمعرفه ما بها من معادن. أدخل الششنجى العينة فى فرن حرارى، فتحولت من حبيبات ترابية إلى قطعة معدنية متماسكة، بعد أن وضعها

فى حمض النتريك داخل دورق زجاجى صغير يشبه كأس الماء، تحت درجه حراره 100 درجة مئوية، وذلك لفصل الذهب عن الشوائب، ثم وضعها داخل فرن آخر ليتجمد الذهب فقط، ثم قام بتبريدها ووضعها على جهاز

للكشف عن خام الذهب، بعدها أكد الششنجى أنها ذهب خام عيار 21، وتوجد بها نسبة قليلة من الفضة لا تتعدى 4،. %. وأضاف أن التأكد من أن الرواسب المعدنية تلك هى قطع ذهبية، تتم عن طريق جهاز كمبيوتر

مبرمج ببرنامج يصل ثمنه إلى نصف مليون جنيه.



المفاجأة أن الششنجى قال إنه يعرف مصدر تلك الحبيبات، وأنه متأكد أنها تأتى من جبل بالصعيد توجد به هذه الخامة من الذهب، وهو يشبه سبائك ذهب منجم السكرى القريب من مرسى علم، التى يعرفها جيدا، قائلا: «دى

شغلانتى وأنا أعرف ذلك عن طريق زبائن يحصلون على قطع من داخل منجم السكرى».



أشار الششنجى إلى أنه يتم استخراج الذهب من الجبل وطحنه حتى يصبح كالبودرة الصفراء، ثم يوضع فى حمض النتريك لفصل الشوائب، ثم تأتى مرحلة سبكه داخل معامل ورش الذهب، ويطلق على هذه المرحله «البندق»،

بحسب تعبير الششنجى، ويتم فيها تحديد عيار الذهب، نافيا تعامله مع أى شخص يحصل على كمية من الذهب، وقال: «نحن نتعامل مع الأشخاص المعلومين بالنسبة لنا فقط ومنذ سنوات طويلة وموثوق فيهم». مؤكدا أن

معمله مرخص من مصلحة الموازين والتمغة وأنه من أشهر الششنجية فى مصر.



ارتباك رسمى



الدكتور مسعد هاشم رئيس هيئة الثروة المعدنية، قال إن هناك عمليات بحث عشوائى عن الذهب من قبل بعض الأهالى الذين يسكنون فى مناطق جبلية خاصة بالقرب من مناجم الذهب، مشيرا إلى أن استخراج الذهب عملية صعبة

ولا يقدر عليها سوى المختصين فى هذا المجال.



ولم يكن لدى رئيس هيئة الثروة المعدنية تفسيرا لمجموعة الأجانب الذين يترددون على جبل اللقيطة، حيث قال «لا أعلم من هؤلاء». ولم يكن لديه علم أيضا بتفاصيل إعلان محافظ قنا عادل لبيب عن اكتشاف جبل ذهب

بوادى اللقيطة، وأضاف هاشم أنه ليس لديه أى معلومة عن ذلك الإعلان.



لكن لبيب بدوره اتهم هيئة الثروه المعدنيه بأنها لا تشجع الاستثمارات الجديده قائلا: «عايزه تموت أى حاجه فيها شغل»، وذلك ردا على تصريح رئيس هيئة الثروة المعدنية أنه ليس لديه معلومات عن الاكتشاف.



وأضاف لبيب أن الذهب المكتشف به أعلى نسبة ذهب فى مصر مقارنة بذهب السكرى وأنه سيصل حجم الإنتاج إلى مئات الكيلوات، وسوف يصل فى الشهر الواحد إلى 20 كيلو وهذه حسبة مبدئية، دون أن يفسر لنا كيف

حسبها، والموقع الذى يجرى فيه التنقيب خالٍ من أى إشراف أو متابعة حكومية؟



لبيب لفت إلى ضرورة استراد الدولة لأرضها للاستفادة من الثروات التى عليها، مؤكدا أن البدو ليس لهم حق فى هذه الثروات، ولا يعنى أبدا أن من وضع يده على أرض الدوله أن تصبح ملكا له.



وبسؤاله: متى ظهر هذا الجبل؟ قال ليس لدى معلومه سوى من شهر فقط وتم إبلاغى، وحصلت على قطعه من الجبل وأبلغنا هيئة المساحة والجيولوجيا، التى أكدت أنها ذهب خام خالص نسبه وجود الذهب بالطن بلغ 7

جرامات، والنحاس 27 جراما، والفضة 25 جراما، مشيرا إلى أن هذا الاكتشاف سيجنى ثماره كل أبناء قنا وسيوفر فرص عمل من 500 إلى 800 شابا.



وأضاف: «تم إبلاغ وزارة البترول وهيئة الثروة المعدنية بالاكتشاف، ولم ترد علينا حتى الآن، مؤكدا أن هيئة الثروة المعدنية هى الجهة المنوط بها كيفية استغلال الذهب سواء طرحها من خلال مناقصة عالمية أو عرضها على

المستثمر المصرى أو تحملها هى عمليات الاستخراج ثم طرح الإنتاج بالأسواق المصرية وتخصيص نسبة من الإنتاج إلى محافظة قنا يتم ضمها إلى ميزانية المحافظه.



وعن الكميات التى تم الاستيلاء عليها من قبل البدو أو المواطنين، أكد المحافظ أنه ليس لديه أى معلومات عن الكميات التى تم قطعها، لكنه طلب من هيئة المساحة والجيولوجيا عمل حصر بالكميات الموجودة، وأيضا التى تم

تقطيعها من الجبل وسيتم الرد علينا بعد الانتهاء من الدراسة.



وقال لبيب: «المساحة التى يقع فيها الذهب غير مؤمنة حاليا، ولن يتواجد بها أى عناصر أمنية إلا بعد رد هيئة الثروة المعدنية، مؤكدا أنه على استعداد تام للاتفاق مع البدو المتواجدين داخل الجبل بوادى اللقيطة والتفاوض معهم

على صيغة محددة فى نسبتهم التى سوف يحصلون عليها من خلال المنجم الذى سيتم إنشاؤه وتوفير فرص عمل لهم.



وحول الرقابه على محال الذهب داخل المحافظه أكد لبيب أنه لا توجد أى رقابه عليها من قبل مسئولى المحافظه لأنها محال عرض للمصوغات الذهبية، ولا توجد أى ورش لسبك الذهب فى قنا حسب قوله. وفى حالة اكتشاف

تعامل محال الصاغة مع البدو وشراء الذهب الخام منهم وسبكه سيتم إغلاقها وتحرير المحاضر وتحويلها إلى النيابة لتطبيق العقوبة عليهم فى استغلالهم لثروات البلد دون وجه حق.



لكن المحافظ عاد وأكد أنه لا يعلم عن الذهب سوى منذ شهر فقط، مؤكدا أنه فى حالة رد هيئة الثروة المعدنية عليه ستتم السيطرة على الجبل وتأمينه ومنع أى شخص من التقطيع أو الاستيلاء على أى ذرة ذهب من الجبل.



وقال لبيب إن هذا المنجم يقع بالقرب من منجم الفواخير وأنه معطل منذ فترة طويلة بسبب تعثر الشركة الأجنبية التى تستخرج منه الذهب بحق الانتقاع، ولديها مشاكل تسأل فيها هيئة الثروة المعدنية لأنها المسئولة عن المنجم ونفى

علمه بوجود أى سرقات للمنجم.

ليست هناك تعليقات: