مع ثورة النت كاعلاميين لا نتحدث فقط ولكن ايضا نستمع باهتمام الى افكاركم فاهلا بتعليقاتكم ...مع ثورة النت نتحول كاعلاميين من متحدثين محترفين الى مستمعين محترفين اى الى باحثين فى تعليقاتكم عن كل ما يدفع الحياه الى الأمام...كلنا نحب ان يسمع الناس آراءنا...وهذه فرصه ذهبيه ليسمع الناس آراءك

الأربعاء، ١٣ ربيع الأول ١٤٣٢ هـ

قصص من ميدان التحرير

فى التحرير وقف رجل فى منتصف العمر ساكنا، وعيناه تدمعان، رافعا ورقة كتبها على ظهر كرتونة نتيجة قديمة «سامحنى يارب أنا كنت خايف وساكت». فيقف بجواره مجموعة من الشباب فى مقتبل العمر يطبطب أحدهم على كتفه مقبلا وجنتيه «أكيد ربنا حيسامحك لأن الموج كان عاليا، والطغيان كان أعلى». ويبدأ الشباب فى تهوين الأمر عليه. أكيد أنت كان عندك أولاد فى المدارس عايز تربيهم، وكنت بتعمل ليل ونهار لتكفى مصاريفهم، وكنت بتقضى الساعات فى طابور العيش، وزوجتك تقف نصف نهارها لتفوز بأنبوبة بوتاجاز. وكنت بتنزل قبل شغلك بساعتين، تلاتة لكى تجد مقعدا فى الميكروباص. ولكن بعد الثورة لابد أن تجد مكانا لأولادك فى المدرسة، ولن تقف فى طوابير العيش، وستجد حتما مقعدا لك فى أتوبيس آدمى. وعندها مسح الرجل دموعه، وكأنه كان ينتظر من الشباب الصفح، وقد منحوه إياه، فارتاح قلبه. وأحاول أن أقترب بجوار الشاب وأقول له هل تسمح لى برقم تليفونك المحمول لعلى أحادثك. كنت أريد أن أساله من أين جاء له هذا اليقين بأن الثورة آتية بكل ذلك؟. ولا تكاد تبعد خطوتين حتى تجد شابا طالت ذقنه كثيرا بعد أن حدد بنفسه إقامته اختياريا فى ميدان التحرير. وكتب على التى شيرت الذى يرتديه «مش حسافر تانى، مش حاتغرب تانى. الآن شعرت بأن لى وطنا». ويأتى له شاب من بعيد دون أن يعرفه وهى يرفع لافتة كتب عليها «من شعب ثائر لوطن لم يعد مستباحا» ليقف الاثنان يكمل كل واحد الآخر شعاره. ويبدأ الشاب العائد من دولة خليجية ،خصيصا لكى يشارك فى الثورة، يحكى له كم كان العمل فى الخارج مهينا للكرامة. ويسرد له حكايات عن أن صاحب العمل الخليجى كثيرا ما كان يعايره بأن ثمن المصرى فى الخارج لا يزيد على سعر نصف غسالة فول أتوماتيك. ومن شدة التأثر والإحساس بالقهر، لا يستطيع الشاب استكمال حكايته. ولكنه يقسم على أنه لن يعود للعمل فى الخليج مرة أخرى. ويحضنه الشاب الآخر وكأنه يقويه على اتخاذ قراره بعدم العودة للعمل ثانية. وأقترب من الشاب المغترب وأساله عن رقم محموله لعلى أتأكد من أنه لن يعود ثانية. وعندما أدلى الرئيس المخلوع، بطلوع الروح، مبارك بحديث إلى شبكة أيه بى سى قائلا «أنا فاض بى الكيل» طاف شاب فى الميدان رافعا لوحة كبيرة كتب عليها. ليه ياريس فاض بك الكيل؟ هو حد أهانك؟ أو ضربك أو كهربك فى الشرطة، أو اتبهدلت فى مستشفى حكومى، مات فيها ابنك من الإهمال؟ مش لاقى حق الدروس الخصوصية لعيالك؟. مش لاقى شغل وقاعد على القهوة؟ مش لاقى قرشين تجيب بيهم شقة يتجوز فيها ابنك؟ فاض بك الكيل ليه؟. يقف عدد من الشباب ليقرأوا العريضة ليحكى كل واحد منهم مظلمته ابتداء من مساوئ العلاج على نفقة الدولة، وتكلفة الدروس الخصوصية، وتدهور التعليم فى مصر، وحكايات قمع وظلم الشرطة للناس. وغلاء الشقق وفساد نظام الايجار القديم. ويقترح كل منهم حلا لمشاكل التعليم، والعلاج، والبطالة، وتحقيق العدالة الاجتماعية. وما أن اقتربت من الشاب وسألته هل لى من رقم هاتف أحادثك عليه، حتى أعرف كيف ستنشر كل هذه الآراء فرد على الفور كله على الفيس بوك. وما أن انتهى الحوار حتى خرق طبلة أذنى شعار «قولها يا مصرى قولها بجد، بكره يبيعوا النيل والسد» أعجبت بالشعار كثيرا مثلما أعجب به كثيرون غيرى. وذهبنا إلى الرجل الذى ما أن بدأ يهتف وحده، حتى تجمع عليه المئات من شدة حماسه، ومن وقع قدميه على الأرض التى كان يدكها مخرجا غضبه. ووقف بجواره فلاح يحمل قصاصة صغيرة كتب عليها «مبارك عدو القمح والقطن. مبارك عدو الفلاح». وبدون أن يسأله أحد بدأ يحكى كيف أن نظام مبارك يكره الفلاحين. ويستخف بعقولهم، وأن مبارك كان يقول إنه أسقط ديون الفلاحين، وعندما يذهبون للبنك الزراعى يقول لهم المسئولون روحوا لمبارك يسقطها لكم. ويرد فلاح آخر أننا نتكبد الآلاف من الجنيهات غرامة زراعة الأرز التى تقول الحكومة أنها تستهلك كميات كبيرة من المياه. بينما هم يستهلكون المياه فى أراضى الجولف بمنتجعاتهم، دون أن يحاسبهم أحد. وهم لايعرفون أن الفلاح يفطر ويتغدى ويتعشى أرزا وكيف سيعرفون؟ سألنا الفلاح، ودون أن يرد أحد قال: ولكن من الآن سنعود لنملأ مصر قمحا وقطنا وأرزا رغم أنفهم. وقبل أن أسرع إلى الفلاح لأساله عن رقم تليفونه المحمول حتى أتأكد أن فيضا من القمح والقطن سيملأ مصر، تذكرت أن فى الميدان 2 مليون مصرى، وفى البلد 80 مليونا. فكيف لى أن أعرف رقم هاتفهم جميعا حتى أتأكد من أن الثورة ملأت قلوبهم. قلت يكفينى أن أطلب رقم 140 وأسأله ممكن رقم موبايل الشعب؟.

ليست هناك تعليقات: